قصص قصيرة قبل النوم
بدأت هناء تحكي قصتها قائلة: حياتي كانت هادئة وكانت أسرتي ميسورة الحال وكانت والدتي ربة منزل طيبة القلب وكان والدي رجل أعمال ورث عن والده تجارة ناجحة، ترعرعت في جو هادى مليء بالحب والرحمة. وكانت تأتى إلينا سيدة طيبة تدعي سعدية تساعد والدتي في إنهاء الأعمال المنزلية، في يوم من الأيام كان هناك الكثير من الأعمال فجلست سعدية لوقت متأخر، وفجأة دق جرس الباب، وجدنا شابا طويلا وسيم الملامح تتفجر ملامح الرجولة والحيوية منه، سأل الشاب عن والدته سعدية، طلبت منه الدخول ولكنه رفض بأدب وانتظر والدته حتى خرجت معه. جاءت لنا سعدية في اليوم التالي كعادتها، فوجدت نفسي أجلس لأتحدث إليها وأسئلها عن ابنها أحمد، ففجئت أنه طالب معي في نفس الكلية فئ السنة التي تسبقني، ذهبت إلى الكلية في اليوم التالي وبحثت عنه في الكلية حتى وجدته، وألقيت عليه التحية، فرد عليا بأدب. تكررت لقاءاتنا داخل الكلية عمدا وبالصدفة، وعرفت كل شىء عنه، فعرفت أنه يعمل بعد الدراسة بمحل تجارى ليكسب المال الذي يعينه على نفقات الشخصية ونفقات دراسته، وعرفت أنه طالب مجتهد ومتفوق، كما يقوم بجمع أسئلة السنوات السابقة لحلها كنماذج للإجابات ويوزعها على المكتبات لكي يكسب المال
ظللنا أصدقاء لمدة ثلاث سنوات ازداد فيهم إعجابي به وبرجولته وثقته بنفسه، وعدت السنوات بسرعة حتى أتم دراسته وعمل في مشروعه الذي بدأه في أخر شهور دراسته، كنت أشعر برغبة ملحة بداخلي للارتباط به وكان يبادلني نفس الشعور، واتفقنا أن يطلب يدي رسميا من أسرتي بعد أن أتم دراستي الجامعية مباشرة. فاتحت والدتي في الموضوع فرفضت بشدة، وأبلغت والدي الذي غضب و ثار ثورة عارمة رافضا أن يتم زواجنا، لعدم وجود تكافؤ إجتماعى بيننا، ووضع أمامي خيارين وهما إما أن أصرف نظر عن الموضوع أو أن أترك البيت . ظللت حائرة بين أن أطيع والدي والدتي وبين أن ألبي نداء قلبي، وفكرت وبكيت كثيرًا، وتعاطفت والدتي معي وحاولت إثناء والدي عن قراره ولكن دون فائدة، فاضطررت إلى اتخاذ القرار الصعب بترك المنزل، فودعت والدتي وأنا ابكي وهي أيضًا تبكي بشدة وذهبت إلى بيت زوجي الجديد. كان أحمد قد استأجر شقه في مكان متواضع وفرشها بالأثاث المتواضع وتم عقد القران عندما كنت في الثالثة والعشرين من عمري بحضور أصدقائنا المشتركين الذين قاموا بعمل فرحًا جميلاً لن أنساه تعويضًا لي عن عدم حضور أسرتي.
بدأنا حياتنا الجديدة في سعادة وهدوء حيث كان احمد يفيض عليا بحنانه وعطفه وحاول كثيرًا أن يصلح العلاقة بيني وبين أسرتي وتحمل من أجل ذلك كثيرًا من الإهانات والسباب رغم انه يعتز بكرامته جدًا لكن دون جدوى، كان يعود في كل مرة مكسور الخاطر و حزين ويحاول أن يقنعني أنها سحابه وستنقشع وان المياه ستعود إلى مجاريها. شاء القدر أن يرزق احمد زوجي بعقد عمل بالسعودية، ورزقنا الله بعد سفرنا بشهور قليلة بطفل جميل أسميناه يوسف وشكرنا الله عز وجل على نعمه التي أنعمها علينا، وظللنا بالسعودية لمده 3 سنوات لم نعود فيها إلى مصر ولا مرة، كنا نذهب لأداء فريضة الحج بدلاً من نزولنا إلى وطننا.
وفي العام الثالث وفي يوم عرفه عندما كنا نقف على جبل الرحمة انا وزوجي ويوسف إذا بي اشعر وكان هناك تيارًا مغناطيسي يجذبني إلى الاتجاه الأيمن: فوجدت عيني تقع على أبي وأمي وأنا لم أراهم منذ أكثر من ثلاث سنوات. لم اصدق نفسي ولم يصدقوا أنفسهم فوجدت نفسي اندفع تجاههم وهم يندفعان اتجاهانا في نفس اللحظة وفاضت عيوننا جميعا أنا وأبي وأمي وزوجي بالدموع الغزيرة وبكى من حولنا من شدة تأثرهم من الموقف. قال الناس إن في هذا المكان تمسح كل الجراح كما يولد الإنسان من جديد وتمسك زوجي بان يظل أبي وأمي معنا حتى بعد انتهاء موسم الحج وعدنا جميعا إلى وطننا مصر، ودخلنا لأول مره منزل والدي ووالدتي وتم استقبالنا بالفرح والشوق والترحاب والزغاريد. شعرت هناء و أسرتها وزوجها وابنها للمرة الأولى بالسعادة بعد أن صفت النفوس فوق جبل عرفه جبل الرحمة، وكانت هي تلك مشيئة الله أن يتقابلون في الأراضي المقدسة، هذا يدل إن الإنسان لا يشعر براحه الضمير إلا بعد أن يكون قد استرضى والده ووالدته.
🦋الدروس المستفادة
: 🕊يجب على الأهل عدم التعامل بتعنت مع الشباب، فلا يوجد الآن مكان للفرق بين الطبقات الاجتماعية فكان من الواجب عليهم أن يختبروا الشاب ويعرفوا إذا كان طيب ويستطيع أن يحافظ على ابنتهم أم لا.
🕊تعلمنا في تلك القصة أن الحب الصادق ينتصر ولو بعد وقت، ولكن على البنت أن تختار الرجل الذي يحافظ عليها و يحميها ويكون محل الثقة من أهلها، ليعلموا أنها لم تخطئ الاختيار
🕊يجب أن نعلم إن الوصول إلى الأهداف يتطلب منا الصبر و الإصرار والكفاح من أجل الوصول إلى ما نتمناه.