قصة واقعية الفلاح واولاد الثلاثه في زمن ليس ببعيد
حكايه الفلاح واولاد الثلاثه في زمن ليس ببعيد، كان هناك فلاح اسمه إبراهيم،بدأ حياته عاملا بسيطا،في حقل أحد الأغنياء، ، وكلن يعمل طول النهار،ويدخر المال،حتى أنعم الله عليه واشترى أرضا صغيرة من ذلك الغنيّ ،فزرعها، و بارك الله له في رزقه،وكان كل مرة يشتري قطعة حتى مات صاحب الأرض واشتراها ابراهيم كلها بثمن جيد من الورثة. الذين ذهبوا للمدينة ،ثمّ تزوج من فتاة فقيرة إسمها محبوبة،تسكن بجواره مع أمّها فكانت زوجة صالحة ،وأنجبت له ثلاثة أولاد ،مضى الزمن،و أصبح إبراهيم من كبار الفلاحين في ذلك البلد وفي أحد الأيام وهو يتفقد أرضه، اتت اليه محبوبة ووجدته شاردا ، فسألته، ماذا بك يارجل هل هناك ما يكدر خاطرك ؟ اخبرها إبراهيم أنه يشعر باقتراب أجله، ،ويخشى على تلك الأرض التي أفنى عليها عمره من الضياع بعده، إنزعجت إمرأته من كلامه، وقالت له: بارك الله في صحّتك ،وحفظك لي ولأبنائك !!! تنهّد ،رد ّعليها: لقد عشت بما فيه الكفاية،ورأيت أيّاما قاسية وأخرى أكثر جمالا ،والنّعمة والعافية لا تدوم،وأنا افكر حول من سيخلفني في زراعة الأرض والعناية بالقطيع !!! قالت له محبوبة: أهذا سبب قلقك ؟ لماذا لا تقسم الأرض على اولادك ،وتحل المشكلة ؟أ جابها إبراهيم : علمتني الحياة انه إذا كان على السفينة أكثر من ربان فهي تغرق !!! فهمت المرأة مقصد زوجها، وانه يريد في قرارة نفسه ان يختبر أبنائه ليختار واحدا منهم يصلح لهذه المهمة،.فسألته :كيف ستختار بين ابنائك الثلاثة ؟ اجابها بأن ابنة النّي شعيب قالت لأبيها عن سيدنا موسى ، يا أبتي إستأجره، إن خير من إستأجرت القوي الأمين، دعمته زوجته رأيه ،واخبرته انه على صواب وأن الأمانة هي معيار كل نجاح،وفي ليلة اليوم التالي جمع إبراهيم ابنائه الثلاثة وأخبرهم بأن سبب حضورهم هو أنه سوف يختار واحدا منهم ليخلفه على الأرض..قال له ابنه الاكبر محمد، إطمئن يا أبي،فلقد تعلم منه اشياء كثيرة،وانه سوف يكون خير خلف لخير سلف،سأله والده باستغراب، وكيف عرفت انك من سأختاره ؟أجاب محمد :لأنني الأكبر بين اخوتي. قال له والده: رسول الله ولّى أمارة الجيش لأسامة بن زيد،
وكان عمره حينها ستة عشرعاما،وكان في الجيش أبو بكر وعمر رضي الله عنهما،فتكلم الابن الاوسط سعيد ،وقال لأبيه :ان معه الحق، وأن العبرة ليست بالعمر بل بالقوة، وهو يعلم أنّه أقوى إخوته جسما قال له والده :معك حقّ يا بنيّ، لكن القوّة لا تكفي، والنمرود هزمته بعوضة ،فقال الابن الاصغر يوسف أن الأكثر كفاءة ،ورغم أنني الاصغر سنا إلا انني الأكثر سفرا وحيلة وخبرة بالتّجارة !!! قال له إبراهيم: أمرنا الله ان نعدل بين الناس, وأوصانا الرْسول بالعدل بين الأبناء، لذا لن أعيّن أحدا حتى اختبركم جميعا، ومن ينجح في الإختبار سيكون هو المسؤول على الأرض من بعدي،ثم مدّ لهم ثلاثة صناديق متساوية الحجم، وقسّم الأرض والماشية ثلاثة أقسام ،ووقال لهم : الآن ستعملون مدّة سنة ،وويضع كلّ واحد الرّبح في صندوقه ،وبعد ذلك، سأتي لي أرى الصّناديق ،ومن كان له أكثر ذهبا يصير الفائز،وأكتب له وصيّتي ،ووافق الأبناء على ماقرّره أبوهم ... ...بداو في العمل وكان هناك تاجر غريب يأتي للإخوة ،ويعقد معهم الصّفقات، و كلّ واحد يحرص أن لا يراه الآخر ،ويسمع به وفي النهاية أصبحوا لا يكلمون بعضهم وبنوا أسوارا من القصب على حافة أراضيهم ،مرّ عام من العمل والجهد من طرف الابناء الثلاثة، و زرعوا بذورهم ، ورعوا الماشية ،وراود كل واحد منهم ان يربح اكثر من الاخرين كي يختاره والده ويكون خليفته الذي يدبّر الأرض، وعندما جاء موعد النتيجة ، دخل الشّيخ إبراهيم الى ارض ابنه الاكبر محمّد ليرى ماذا فعل،رحب الإبن بوالده طلب منه ان ينظر الى الأرض كيف أصبحت ،فوجدها مليئة بالأشجار المثمرة والجميلة،فقال له أبوه: ما شاء الله !!! والآن أرني صندوقك ،فمدّه له وهو يكاد يفيض من الذْهب. سأله: ماذا فعلت يا بنيّ لما ربح كل هذا الخير في عام واحد؟ فأجابه: لقد باشرتها بالرّي والتّقليم ،وظللت أرعاها ليلا نهارا،قال له والده: حسنا، الآن سوف اذهب لرؤية أخيك سعيد ،فوجد أن الماشية قد كثرت عنده فقال له ما شاء الله ،
أرني صندوقك ،فكان الذّهب كثيرا مثل أخيه ،سأله : قلي ماذا فعلت لما ربحت كل هذا المال ؟ فقال : لقد كنت أرعاها وأطعمها أطيب أنواع البرسيم والشعير، وأداويها حتى صارت إلى ما ترى !!! قال له :حسنا ،سأرى أخاك الصغير يوسف ،فلمْا دخل عنده رأى أنّها مقسّمة ثلاثة أقسام :واحد فيه الأشجار وواحد فيه القمح،وآخر فارغ ترعى فيه الماشية مع صغارها،فتعجّب من ذلك ،ولمّا نظر إلى الصّندوق وجده فارغا إلا من بضعة قطع ذهبيّة ،فلما سأله أين ربحك يا يوسف؟ قال له :هذه السّنة للأرض ،فلقد سمّدتها ،وزدت في عدد العجول، وتركت ثلثها يستريح ،والسّنة المقبلة لي ،قال إبراهيم حسنا ، ملتقانا في المنزل بعد صلاة العشاء، في المساء إجتمع الأولاد على المائدة، وهم ينظرون إلى أبيهم الذي تنحنح، وقال لهم :من يريد أن ينجح ويوفقه الله يجب أن لا يهمل شيئا ،وأن يفكّر في المستقبل ويعمل بامانه لايغش ولايخدع ،أمّا محمّد فقد إهتمّ بالأشجار المثمرة ، على حساب الماشية ،وإتّفق مع تاجر لشراء الثّمار مدّة خمسة سنوات ،وقبض كلّ الثّمن مقدّما، وملأ الصّندوق بالذّهب، لمّا سمع الولد ذلك طأطئ رأسه ،وتحيّر كيف عرف أبوه بذلك ،ثم إلتفت إلى سعيد ،وقال له :أمّا أنت فاهتممت بالماشية لأنّك إعتقدت أنها أقلّ تعبا ،وأكثرت منها ،وبعت الحليب مغشوشا بالماء ليزيد ربحك ،وبعت والأبقار المريضة على أنها سليمة للجزارين ،وملأت صندوق الذّهب ،أحسّ سعيد بالحرج ،واعتقد أنّ سرّه في بئر . ثم نظر إلى يوسف إبنه الأصغر ،وقد إتّسعت إبتسامته ،وقال له: أمّا أنت فتعلم أنّ الربح لا يأتي إلا إذا أعطىت الأرض الحبّ والعناية، واستثمرّت فيها لهذا كان صندوقك فارغا ،وبفضل عقلك سأجعلك خليفتي في تدبير الأرض ،أمّا أخواك سيعملان،عندك ويأخذان أجرا ،وجزءا من المحصول القمح والفول والحمص ،وخروفين هذا قراري ،وقبل أن تنصرفوا سأعلّمكم كيف عرفت بحالكم !!! أنا هو الرجل الذي مرّ عليكم ،واتّفق مع محمّد وسعيد على التّحايل والغشّ لملئ صندوقهما بالذّهب ،وقد تنكّرت بشكل محكم ،وغّيرت صوتي ،فلم يعرفني أحد منكم ،وقد رفض يوسف كلّ المغريات لأنّ العاقل يعرف أنّ الأمانة هي أساس النجاح ،ولقد أعطيت أرضي لمن إمتلك هذه الصفة ،والآن،هل هناك من يريد أن يضيف شيئا ؟ قالو الثلاثة: لا يا أبي وبارك الله فيك، فلقد إستوعبنا الدرس ،وسننفّذ ما قلت عليه ... ... إنتهت