قصة هبة الغجرية العذراء و زوجة أبيها نهال
قصة هبة الغجرية العذراء و زوجة أبيها نهال في زمن ما كان لدى أحد التجار الكبار فتاة في الخامسة من العمر تدعى هبة ولما ماتت والدتها اضطر التاجر أن يتزوج من أرملة تدعى نهال لتعوض بوجودها عن أم هبة الراحلة وكان لدى نهال ولد في التاسعة يدعى إبراهيم وفي أحد الأيام أراد التاجر أن يسافر في رحلة عمل تستغرق شهرين وقبيل سفره عهد بهبة إلى نهال ثم إختلى بابنته وأخبرها أن تطلب منه ما تشاء ليحضره معه فأجابت انهاغ تريد دمية ذات خصلات شعر ذهبية بعينين خضراوين فوعدها الأب بأحضارها ثم قبلها بين عينيها وسافر لكن نهال لم تفي بعهدها لزوجها فعاملت هبة أسوء معاملة يمكن أن تتصور فبالاضافة إلى ضربها المستمر بسبب وبدون سبب كانت نهال تسحق عليها عندما تكون نائمة وتجرحها بالسكين عمدا وتحرق جسدها بحديدة حامية جدا بل وصل بها الأمر إلى حرق شعرها وقلع ثلاثة من أسنانها بالكماشة وعندما كانت هبة تصرخ من البكاء من جراء ذلك كانت نهال تنهال عليها باللطم والضرب المبرح حتى تفقد هبة وعيها تدريجيا حتى قررت نهال التخلص من هبة نهائيا فأمسكتها من يدها وسحلتها خلفها إلى نهر سريع الجريان و ألقتها فيه بدون تردد فانجرفت هبة مع التيار وكان النهر يشرف على شلال عالي تتحطم مياهه على الصخور تحته فكانت هبة عرضة للموت المؤكد لولا أنها نجحت بالتمسك قبل أن تبلغ الشلال بغصن متدلي سحبت نفسها من خلاله الى بر الأمان ثم عادت منهكة إلى البيت حيث ألقت نفسها على عتبته ونامت في صباح اليوم التالي فتحت نهال باب البيت فانصعقت لدى رؤيتها هبة نائمة وهي على قيد الحياة ترتجف من البرد والبلل فشعرت نهال بالغضب الشديد وأخذت ترفس بهبة وتركلها حتى فرت هبة من أمامها وعند حلول المساء لمحت نهال قافلة للغجر تسير مبتعدة فاسرعت نحو إحدى الغجريات
وأخبرتها أنها تريد أن تبيعهم طفلة في الخامسة فلما شاهدت الغجرية هبة ومدى سوء حالها قالت :انها محمومة وعلى وشك الموت لن اشتريها قالت نهال فورا :إذن خذوها مجانا قطعوها وكلوها لا يهمني فقط أبعديها من هنا بل سأدفع لكي أيضا خلعت نهال قلادتها الذهبية وأعطتها للغجرية ثم انطلقت القافلة نحو الشمال حاملة معهم هبة نظرت الغجرية الى جسد هبة الذي كان يرتجف مثل السعفة في مهب الريح فشاهدت آثار التعذيب من حروق وجروح وكدمات زرقاء فقالت : مسكينة انتي يا صغيرة لقد عذبتك تلك البربرية المتوحشة سأعتني بك لتصبحي غجرية بحق وطوال الثلاث أيام اللاحقة عانت هبة من آثار الحمى حتى برئت تماما فعاشت في كنف تلك الغجرية التي كانت حكيمة قومها وخبيرة في أمور الاعشاب و عادات أخرى كان الغجر يستوطنون المناطق لمدة عامين أو أكثر ثم يرتحلون الى مناطق جديدة وبعد تسع سنوات أصبحت هبة فتاة جميلة في الرابعة عشر فجاء زعيم الغجر إلى خيمة الغجرية الحكيمة ونظر إلى هبة وتطلع إلى جمالها وقال : لقد أصبحت الفتاة جاهزة لدخول الخيمة الحمراء الأمر الجيد أنها لم تكلفنا فلسا واحدا ثم غادر نظرت هبة إلى الغجرية وقالت : ماذا يعني بالخيمة الحمراء إني آراها في اقصى المخيم ولكن لا يسمح لي بدخولها ليلا – الغجريات اللواتي يتم شراؤهن عندما يبلغن مثل عمرك يؤخذن إلى الخيمة الحمراء ليصبحنا مومسات مقابل أجر محدد لكني لا أريد ذلك أريد أن أبقى هنا أخشى أن ذلك لم يعد ممكنا ليس الأمر بيدك بعد الآن حزنت هبة كثيرا لأنها سترغم على أمر لا ترضى به وكانت في البلدة المجاورة إمرأة ثرية ولكنها مريضة جدا قد يأس الأطباء من شفائها فنذرت لله إن شفاها فستتكفل بمساعدة من يحتاج إلى العون في اليوم التالي من الله بالشفاء على تلك المرأة فنهضت من سريرها وسارت وسط ذهول الأطباء وتعجبهم فألحت حاجة تقديم العون في صدرها فأرسلت خادماتها وخدمها للبحث عن محتاجين لأغاثتهم وصلت أحدى الخادمات إلى مخيم الغجر ووجدت هبة خلف أحدى الأشجار وهي تبكي بشدة فسألتها عن سبب بكائها واستحلفتها أن تجيبها فأخبرتها هبة أن الليلة سيدخلونها إلى الخيمة الحمراء وستفقد عذريتها أسرعت الخادمة إلى سيدتها وأبلغتها بأن هناك غجرية مراهقة سيكرهونها على البغاء فوجدت
تلك السيدة في ذلك فرصة لأنقاذ الفتاة الشابة من الوقوع في مهاوي الرذيلة فانطلقت نحو مخيم الغجر وألتقت بهبة واستمعت إلى قصتها فشعرت بصدقها ومظلوميتها فصممت على انقاذها فذهبت وقابلت الزعيم وعرضت عليه شراء هبة فضحك الزعيم ولم يقبل بالعرض فضاعفت السيدة عرضها فتيقن الزعيم بجدية هذه المرأة ورغبتها الملحة في شراء هبة فقال :أن هبة ليست للبيع أبدا لأنها مصدر ربح بالنسبة لي أرجوك حدد سعرك وحرر هذه الصغيرة وأثبت لقومك انسانيتك ليرتفع شأنك بينهم أنا شأني مرفوع رغما عن الكل وهذه المقابلة إنتهت خرجت السيدة حزينة من خيمة الزعيم كونها لم تستطع أن تفي بنذرها بمساعدة المحتاجين فاتجهت لمنزلها فصادفت موكب للأميرة أبنة حاكم المدينة وقد جائت لزيارتها بعد أن علمت بشفائها من مرضها العضال لكنها شاهدت عليها علامات الحزن فسألتها عن سبب حزنها فأخبرتها السيدة بأمر نذرها وقضية هبة فكرت الأميرة قليلا ثم قالت : دعي أمرها لي في المساء ذهبت الأميرة بموكب أضخم الى حيث الخيمة الحمراء ولكنها كانت ترتدي ملابس الرجال لتبدو كأنها رجل ثم تقدم أحد خدم الأميرة المرموقين إلى زعيم الغجر وناوله كيسا من المال وأخبره بأن سيده يرغب بغجرية عذراء فحك الزعيم لحيته وقال : أخشى أن كيسا واحدا لا يكفي رمى إليه الخادم كيسا آخر وقال : من الأفضل أن تكون عذراء وإلا سنستعيد المال دخلت الاميرة الخيمة الحمراء وبعد ثوان أدخلت عليها هبة وكانت ترتعد فأزالت الأميرة تنكرها و أمسكت بهبة وهدأت من روعها وأخبرتها أنها أميرة البلدة المجاورة جائت من طرف السيدة الطيبة التي زارتها اليوم لتخلصها من هذا المكان إستبدلت الأميرة ملابسها مع هبة ووضعت التنكر عليها وأمرتها أن تخرج برفقة الخادم إلى الموكب فقالت هبة : وماذا عنك أيتها الأميرة ؟ انا سأبقى هنا حتى تبتعدي عن المكان أطمأني أنهم لن يجرئوا على ايذائي بعد أن يعلموا بهويتي تشكرت هبة من الأميرة وغادرت برفقة الخادم كما طلبت منها الأميرة وانظمت إلى الموكب الذي انطلق بها فورا إلى منزل السيدة التي سعدت بها وهنئتها بالسلامة بعد ساعتين إنظمت اليهما الأميرة فاكتملت الفرحة وأخبرتهم الأميرة أن موكب آخر كان بانتظارها ليقلها بعد مغادرة الموكب الأول وأن زعيم الغجر عندما علم بأني أميرة البلاد لم يجرؤ على مخالفتي بالطبع لقد انزعج قليلا لكن بضعة أكياس أخرى من المال تكفلت بأسكاته وصرف نظره عن الموضوع. ثم غادرت الأميرة وأمضت هبة هذه الليلة برفقة سيدة المنزل أوضحت هبة لتلك السيدة أنها ترغب بالعودة إلى بيتها القديم حيث أبيها فوعدتها السيدة خيرا وأنها سترسل معها رجلين يرافقانها إلى حيث كانت تقطن في الصباح انطلقت هبة مع رجلان يعملان لدى السيدة على ظهر الخيول باتجاه منزلها السابق بعد ان أغدقت السيدة بعبارات المديح والثناء لجميل صنعها معها قطع الثلاثة شوطا من الطريق حتى أقتربوا من أجمة كثيفة وفجأة انقض عليهم أربعة من الغجر أحدهم كان زعيم الغجر وتبارزوا بالسيوف مع الرجلين حتى قتلوهما
فارتعبت هبة و حاولت الفرار لكن الزعيم أدركها فأمسكها وقال :هل كنت تظنين أن دراهم الأميرة بأمكانها أن تبعدك حقا عن الخيمة الحمراء لقد ولدتي لذلك العمل ويجب ان تتقبليه بكت هبة كثيرا فيما أخذ الزعيم يجرها من شعرها ليعيدها الى المخيم وهنا برز لهم فارس شاب حالما شاهدته هبة حتى استنجدت به ليخلصها وقالت : هؤلاء اختطفوني وأنا في طريق عودتي لبيتي وقتلوا المرافقين الذين كانو معي ترجل الشاب من على صهوة جواده وشهر سيفه وطلب من الغجر تحرير الفتاة فضحك الزعيم وقال :وإلا ماذا ؟ ستقاتلنا نحن الأربعة ؟قال:الشاب نعم أنا جندي في جيش حاكم البلاد وأنتم مقبوض عليكم بتهمة القتل والاختطاف قال أحد الغجر :دعه لي يا زعيم ثم هجم على الشاب فأطاح به الجندي بحركة واحدة فانذهل الباقون وهجم عليه إثنان دفعة واحدة فطاحنهما الشاب بحسامه حتى أسقطهما مضرجين بدمائهما وبقي الزعيم لوحده فارتجفت ساقيه من الخوف فترك هبة وانطلق هاربا يركض ويتعثر حتى غاب عن الأنظار قال الشاب : سأعود اليه لاحقا أما الآن فيجب أن اعيدك يا سيدتي الى بيتك . أعجبت هبة جدا بفروسية و وأخلاقه و أركبها على فرسها وسارا معا باتجاه البيت وفي الطريق أخبرته هبة باسمها وإسم أبيها وما جرى معها فوقف الشاب فجأة ينظر إلى هبة بتعجب وقال :انتي هبة إذن لقد تغيرتي حقا استغربت هبة وقالت :من أين تعرفني أيها الفارس الشجاع إنه أنا يا هبة إبراهيم إبن نهال صدمت هبة لهذه المفاجأة وتمنت أن تكون مفاجأة سارة وأن تستمر كذلك للجميع ثم أخبرها إبراهيم بأن ابيها حزن جدا لاختفائها الغامض لكنه بخير الآن وأن نهال مازالت زوجته فتمنت هبة في قرارة نفسها أن تكون نهال قد تغيرت كليا نحو الأفضل. وصل الإثنان إلى البيت فتقدم إبراهيم أولا ليهيئ الأمور وأخبر أبيها بعودة إبنته فلم يصدق بادئ الأمر حتى أطلت هبة في الدار حيث كانت متحمسة جدا للقائه وما أن رأته حتى ألقت نفسها بين ذراعيه فعانقها الأب وغابا عن الدنيا مندمجان في عالم اللقاء بين دموع وآهات وهنا أخرج الأب دمية صغيرة وقال :لقد أحضرت لك دميتك ذات الشعر الذهبي والعينان الخضراوان التي طلبتها ثم واصل الأب كلامه وقد اغرقت دموعه خديه احتفظت لك بها لأني أعلم أنك ستعودين يوما ما ضمت هبة أبيها إلى صدرها
وقالت :لن ادعك تغيب عني بعد الآن وهنا دخلت نهال وهي تحمل صينية عليها أقداح وحالما شاهدت هبة حتى سقطت الصينية من بين يديها وتكسرت الاقداح وشعرت بالامتعاض الشديد فانقبض صدرها لكنها اظهرت بشاشة مصطنعة وقامت بالترحيب بهبة بعد ذلك انفردت هبة بنهال وأنبئتها انها لم تخبر احدا بما حصل بينهما وأنها مستعدة لأن تغفر لها شريطة أن تحسن سريرتها فوعدتها نهال بذلك وأقسمت لها انها ستفتح صفحة جديدة بعد ثلاث سنوات طويلة على نهال التي لم تستطع أن تنسى كرهها لهبة بسبب خبث سريرتها فبقيت تشحن صدرها غيظا وحقدا عليها خلال تلك السنوات حتى حان يوم زواج إبراهيم من هبة فنفد صبرها وقررت التخلص من هبة قبل أن يبلغ العريسان ليلة الدخلة ففي تلك الليلة جرت العادة أن يقدم للعريسين كأسي عصير فقامت نهال بتسميم الكأس الذي سيقدم لهبة وعندما جلس العريسان ليشربا أمسك كل منهما بكأسه لكن المفاجأة حدثت عندما وضع العريسان كأسه الخاص في فم الآخر وسقاه العصير فصرخت نهال التي كانت ترقب الوضع وهي ترى إبنها يسقط أرضا يتلوى من الألم فنظرت إلى هبة وكأنها تحملها مسؤولية ما حدث فامسكت سكينا وهجمت عليها وهي تزعق لكن أبو هبة إعترض طريقها فتلقى منها طعنة في صدره فتراجعت نهال وهي ترى الحضور قد أحاطوا بها للقبض عليها فركضت هاربة ولم تتوقف حتى بلغت منحدرا صخريا وقد لحق بها الشباب والرجال فهددت بألقاء نفسها إن هم اقتربوا وهنا اطلق عليها احدهم سهما سريعا مربوط بحبل فاخترق فخذها فرمت نهال بنفسها من المنحدر لتنتحر لكن الرجال سحبوها وقبضوا عليها فوجدوها قد جنت كليا وهي تصرخ قائلة :سأقتلك يا هبة سأقتلك يا هبة هاهاهاهاهاها أما هبة فقد قامت بعمل إستثنائي إذ شمرت عن ساعديها وأحضرت مواد من المطبخ واستخدمت خبرتها التي استقتها من الحكيمة الغجرية وصنعت مضاد للسم وسقته لحبيبها ثم التفتت إلى أبيها وصنعت عجينة خاصة وضعتها على الجرح فانقطع النزيف والتأم الجرح فارتاح الرجلان هذه الليلة. 💜 إنتهت القصة